الورد مراقب عام
عدد الرسائل : 39 تاريخ التسجيل : 09/08/2007
| موضوع: منفى الجوع والموت الخميس فبراير 28, 2008 1:29 pm | |
| منفى الجوع والموت
سقطت على الارض مغشيا عليها واستقرت أخيرا أعصابها المشدودة منذ الليلة الماضية ازداد لونها اصفرارا .. وازدادت ملامحها شحوبا .. التصق جسدها المتعب بالأرض ساكنا .. كأوراق خريفية -صرخت صديقتها هدى : زينب وانتفض كل من كان في ساحة المدرسة سمعت زينب صراخ صديقتها , ولكنها كانت عاجزة عن الحراك , وعاجزة عن التفكير في أي شيء سوى أنها لم تأكل أي شيء منذ البارحة , وأنها لا محالة ميتة . لم تستطع ان تفكر سوى أنها لم تعد تريد البقاء ها هنا -صرخت مجددا هدى : زينب .. زينب وتجمع الكل حول كوم العظام الملتحف بالجلد , والملقى على الأرض قالت فتاة أنيقة المظهر بين المتجمهرين : ما بها .. ؟؟ !! لم يجب أحد ولم تجب زينب , ولكنها ابتسمت ساخرة في أعماقها : ما بها .. !!!!!! ؟؟؟؟ تعالت الأصوات : -رشوا عليها الماء ... - هات العطر يا أسماء -أفيقوها .. أفيقوها بسرعة ... لكن زينب صرخت بشدة صرخة لم يسمعها أحد من المتجمعين : لا .. لا أريد العودة الى هناك .. دعوني .. دعوني أذهب إليه , فهو أرأف وأرحم بي منكم .. دعوني أرحل عن عالمكم المجنون .. حيث لا مكان لأمثالي . بكت روحها الطيبة وهي تفكر في معاناتها , واستعادت شريط الذكريات شيئا فشيئا , منذ أن وعت على الدنيا - أو كما تسميها زينب ( منفى الجوع والموت ) - الى الليلة الماضية . لم تكن مآساة زينب مآساة قديمة او غريبة أو عجيبة , لا .. بل إنها واحدة من المآسي الكثيرة التي تحدث أمامنا في كل يوم , ولكننا لا نراها , او بالاحرى .. لا نود أن نراها كانت زينب يتيمة الأب , تعيش مع أمها وخمسة أطفال هي أكبرهم , ولا معيل لهذه الأسرة البائسة غير هذه الأم التي هدها الزمن , كانت تبيع ما تيسر لها شراؤه من حلويات تبيعها للأطفال في الحارات أو المدارس , وكانت عائلة زينب تسكن في بيت قديم أكلت الأمطار والريح والشمس جدرانه ,وهد الزمان مفاصله كانوا يسكنون في هذا البيت القديم الذي يعتقد أهل الحارة أن الأشبا ح تسكنه . لم يكن هناك نور , ولم يكن هناك ماء , فالأسرة لم ولن تستطيع تحمل تكاليف الفواتير الباهظة ,كانوا يأتون بالماء جرا من المسجد الذي يقبع على بعد ثلاثة شوارع من البيت - ليس هذا فحسب !!؟؟ هكذا قالت زينب وهي تقلب شريط الذكريات , إنها طيلة سبع سنوات منذ وفاة والدها لم تأكل إلا وجبة واحدة في اليوم وربما تركتها لأخوتها الصغار الذين لم يكفيهم نصيبهمكي تسكت صراخهم وعويل جوعهم , هذا هو الروتين اليومي لأسرة ( الجوع والموت ) , كما تسميها زينب فأمها المسكينة بدخلها ( الحقير ) الذي لا يكفي حتى مدمن القات لشراء ( حبة قات ) في يومه , بهذا الدخل لم تستطع توفير احتياجات الأسرة البسيطة , فالمال لا يكفي , وأيادي العون قد ضعفت وقلت -وجبتان في اليوم .. هكذا قالت زينب ساخرة في نفسها كانت الوجبتان لا تكفيان الأسرة كلها , ولذا كانت زينب عادة ما تترك نصيبها لأخوتها الصغار , وتخفي الجوع الذي يأكل أمعائها على أمها قائلة لها وعلى وجهها ابتسامة الرضى الممزوجة بالانكسار : الحمدلله يا أمي .. لقد أكلت وشبعت !!! ولا تاكل إلا في اليوم التالي وهذا بالظبط ما حدث في الليلة الماضية , وطوال سبعة أعوام مريرة قالت لها إحدى زميلاتها ذات يوم :ما رأيك أن تخرجي برفقتنا وسنصطاد لك شابا ثريا .ز تعطينه القليل ويعطيك الكثير وقالت لها أخرى : إن الحل عندي , وليس من حل لها سوى أن تعملي فالعمل شرف ولا عيب في أن تعمل المرأة لو اقتضت الظروف ذلك , وعندي لك عمل سيجعلك ثرية جدا في أشهر معدودات ,تشترين بيتا جديدا كبيرا , وتأكلين ما تشتهين من الطعام , وتلبسين أغلى وأفخر الثياب لكن زينب صرخت في وجهها : لا .. لن أعمل في مكان كهذا .. ولن أبيع شرفي وعفتي .. الجوع أرحم .. الموت أرحم ... فكرت زينب في كل يوم من السنوات السبع العجاف في الانتحار ألف مرة , ولكنها كانت تخاف أن تضيع آخرتها التي لم تعد تملك سواها , كانت تنتظر خطيب الجمعة ليخبرها عن الآخرة وجمالها ورخائها , وعن الوعود التي وعد الله بها عباده الصالحين الصابرين , فهي لم تكن تملك غير هذه الأحلام وغير هذه الوعود , لقد صبرت سنينا طويلة من العذاب والألم والجوع على أمل لقياها , وها هي الأحلام قد صارت قريبة جدا , فزينب تريد الرحيل لتعانق هذه الاحلام -صفعتها هدى على وجهها للمرة الثالة : زينب .. أرجوك يا زينب أفيقي احتضنت جسدها البارد وارتعدت فرائصها , واغرورقت عيناها بالدموع تعالت أصوات الفتيات في الساحة , وركضت فتاة من الخلف مسرعة , وأفرغت قنينة الماء على وجه الطريحة -صفعتها مجددا هدى وقد فقدت أعصابها : زينب .. يا الله .. عودي يا زينب .. لا تموتي .. لااااااااااا - دعوني .. دعوني أرحل عن من عالمكم المجنون .. فليس لي من مكان بينكم .. دعوني أرحل عن منفى الجوع والموت .. دعوني اعود إليه فهو أرحم وأرأف بي منكم .. دعوني أرحل .. دعوني أرحل .. دعوني أرحل ...................
| | |
| |
|
عدنان الحاج المدير العــــــــــام
عدد الرسائل : 121 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 28/07/2007
| موضوع: رد: منفى الجوع والموت الجمعة فبراير 29, 2008 4:04 am | |
| شكراً لك اخي على هذا الموضوع المفيد | |
|
الورد مراقب عام
عدد الرسائل : 39 تاريخ التسجيل : 09/08/2007
| موضوع: رد: منفى الجوع والموت الخميس مارس 13, 2008 11:29 am | |
| هذه قصة كتبتها انا يا حاج
أين انت هذه الايام ؟؟؟؟ | |
|
عدنان الحاج المدير العــــــــــام
عدد الرسائل : 121 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 28/07/2007
| موضوع: رد: منفى الجوع والموت الجمعة مارس 14, 2008 10:03 am | |
| ههههههههههههههههههههههههههههههههههه الللللله يخليك انا كنت اقول موضوع | |
|